الحكمة من غياب صاحب الزمان

 

لقد علل بعض من كتب عن المهدي المنتظر في بيان الحكمة من غيابه بأن الظروف القاسية التي كان يعيشها المجتمع في ظل العباسيين   ،  من قتل وسجن وارهاب ونهب هي الحكمة من غيابه  ،  وذكر البعض بأن الأسباب السابقة كانت السبب الرئيسي للغيبة الصغرى  التي استمرت حوالي السبعين عاما ،  أما الغيبة الكبرى والتي مستمرة الى يومنا هذا فجاءت لتمحيص الناس ومعرفة المؤمن من الكافر  0

فهل هذه فعلا أسباب الغيبة أم أنه يوجد أسباب أخرى  ؟

صحيح أن الوضع الذي كان في عصر الامام الحسن العسكري وابنه محمد المهدي عليهما السلام وأنصارهم  كان لا يحتمل  ،  فمن قتل الى سجن الى تعذيب الى تجويع  ،  ولكن هذا كله لا يستدعي غياب الامام عن أنظار الناس لأنه عاش ذلك وعرفه وصبر عليه من خلال سيرة أجداده المعصومين حيث أنه معروف  :  ما منهم الا مقتول أو مسموم  0

لقد كانت مشيئة الله سبحانه وتعالى  وحكمته أن يغيب الامام الأخير عن أنظار أمته لفترة معينة من الزمن  ،  وهذه الغيبة سر من الأسرار الغيبية التي لا يعلمها غير الله سبحانه ومن ارتضى  0   أما السبب الواقعي للغيبة فلا نعلمه   ،  نعم نستفيد ظنا ولا دليل على ذلك بأن الامتحان والاختيار وأن  لا يكون لأحد في عنقه بيعة هي بعض أسباب الغيبة  أما السبب الحقيقي فهو سر من أسرار الله سبحانه وتعالى  0

وبشر الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم كل مؤمن يصبر على الأذى  أثناء غيبة الامام  ويؤمن بالغيبة بكل خير واعتبر الرسول كل من ينكر غيبة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه كافر ونستشهد بذلك بما جاء في فرائد السمطين بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :   قال رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم ....  ومن ولده  أي علي عليه السلام  القائم المنتظر الذي يملأ الله به الأرض عدلا وقسطا  ،  كما ملئت ظلما وجورا  ،  والذي بعثني بالحق بشيرا  ،  ان الثابتين على القول  بامامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر  0   فقام اليه جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه فقال  يارسول الله وللقائم من ولدك غيبة  ؟  فقال عليه وعلى  آله أفضل الصلاة والتسليم   :  أي  وربي ليمحص الله الذين آمنوا وليمحق الكافرين  ،  يا جابر ان  هذا لأمر من الله  ،  وسر من سر الله  ،  مطوية عن عبادة  ،  فإياك والشك  ،  فإن الشك في أمر الله كفر  0

هذا الحديث من فرائد السمطين آخر الجزء الثاني  ،  وأخرجه ينابيع المودة  ص 489  مع إختلاف ألفاظه  ،  ونقله في  المناقب  للخوارزمي الحنفي  0

 وهذه بعض الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام حول  موضوع الحكمة من غياب الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف

 

:  قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

اياكم والتنويه  ،  أما والله ليغبن أمامكم شيئا من دهركم ولتمحصن حتى يقال  :  مات  أو هلك  بأي واد سلك  ؟  ولتدمعن عليه عيون المؤمنين  ولتكفان كما تكفا السفن في أمواج البحر  ،  فلا ينجو الا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الايمان وأيده بروح منه0

 

:  قال أمير المؤمنين عليه السلام

ان القائم منا اذا قام  ،  لم يكن لأحد في عنقه بيعة  ،  فلذلك تخفى ولادته ويغيب شخصه0

 

:  قال الامام الحسن عليه السلام

ان الله عز وجل يخفي ولادته ويغيب شخصه ،  لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة اذا خرج0

 

:  قال الامام السجاد عليه السلام

القائم من يخفى على الناس ولادته حتى يقولوا   لم يولد بعد  ،  ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة0

 

:  قال الامام جعفر الصادق عليه السلام

ان القائم تمتد غيبته ليصرح الحق من محضه ويصفو الايمان من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخش عليهم النفاق اذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليه السلام   ،  ثم تلا هذه الآيه  :  حتى اذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا    ،  سورة يوسف عليه السلام  آيه 110  0

 

:  وقال  أيضا عليه السلام

ان لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ووجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره  ،  ان وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره  كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر - من خرق السفينة -  وقتل الغلام  ،  واقامة الجدار  ،   لموسى عليه السلام  الا وقت افتراقهما  0


العودة

العودة للصفحة الرئيسية